كيف غيرت الفياجرا مفهوم الرجولة: من علاج طبي إلى رمز للفحولة

 

الخميائي تعد من اشهر الروايات في العالم 

    توطئة 

"الخيميائي"، رواية ألفها سنة 1988 الكاتب البرازيلي الشهير باولو كويلهو، و تعد من أشهر المؤلفات الأدبية في العصر الحالي، وخاصة في صنف الرواية، تمت ترجمة رواية الخميائي أو الكيميائي حسب الترجمة العربية، الى العديد من اللغات الحية، كما تم بيع مئات ملايين النسخ منها عبر العالم، وقد دخلت موسوعة غينيس للأرقام القياسية كأكثر عمل روائي بيع لكاتب مازال على قيد الحياة، وتتربع الخميائي على مكانة كبيرة من الاهتمام و الشهرة لدى القراء، لما تحمله من مشاعر وإلهام، على الرغم من بساطة القصة ووضوح المعنى فيها.

 تدور مجريات قصة الرواية حول شاب يدعى "سنتياغو"،  الذي ينطلق في البحث عن حلمه أو أسطورته الشخصية، الا انه يواجه العديد من التحديات و الصعوبات، التي تختبر إيمانه بحلمه و صبره على تحقيقه، ورغم أن الفكرة الأساسية للحبكة في الرواية مكررة، في الكثير من الروايات و كتب التنمية الذاتية، لكن الأسلوب الذي ابدعه الكاتب جعل الرواية متميزة و بالتالي تحظى بكل هذا الاهتمام المنقطع النظير عبر العالم.

 أحداث الرواية

حكاية رواية الخميائي تدور أحداثها حول بطل شاب يدعى سنتياغو، الذي يعمل راعي في مناطق جنوب اسبانيا دون تحديد زمن معين للقصة، فالحكاية عابرة للحقب الزمنية،  لكن الراعي الشاب يؤمن بأن حلمه يحمل في طياته رسالة له،  مما يجعله يبدأ رحلة طويلة من أجل تحقيقه، و بالتالي يواجه سنتياغو العديد من الأحداث و الشخصيات، التي تعمل على تلقينه معاني الحياة، التي كان غافل عليها، انطلاقا من الملك المدعو "ملكي صادق"، الذي حثه على اتباع حلمه، إلى حين لقائه بالخميائي الذي علمه أهمية الإشارات التي يبديها لنا الكون .

من التجارب العديدة التي وقعت لسنتياغو وقوعه في الحب، الأسر اثناء الحرب، والأزمات المالية الخطيرة، التي مر منها، الا انه رغم دالك لم يتوقف عن المشي وراء حلمه، وبعد وصوله لنهاية مشواره يدرك سنتياغو أن حلمه ليس فقط كنز مدفون في مكان ما، بل هو المعاني التي أدركها عن الكون و الحياة، وأن الكنز يكمن في الذات، و أنه قد يكون قريب أكثر من ما نتصور.

 الرسالة الأهم في رواية "الخيميائي"

الرسالة الأهم التي تقدمها لنا الرواية، هي الأسطورة الشخصية أو الحلم الشخصي في الحياة، فالكاتب يعبر بشكل واضح في الرواية، أن لكل إنسان في هذه الحياة أسطورة شخصية، وهي الحلم الذي يعمل أو يتمنى تحقيقه مند صغره، كما يعبر في طيات الرواية أن الكون بأكمله ينساق مع من يتمسك بتحقيق حلمه الشخصي، يقدم المألف هذه الفكرة من خلال البطل سنتياغو، الذي يعمل الكون بأكمله من أجل تحقيق حلمه في الوصول الى الكنز.

 هذا المفهوم أعلاه ليس جديدا بل هو جزء من خطاب فلسفي و كذا نوع من أساليب التنمية الذاتية من أجل اقناع الناس بجدوى المشي وراء احلامهم الشخصية، الفرق المهم هنا هو القالب الروائي للفكرة كما جاءت في رواية الخميائي،  مما جعلها تصل بشكل سلس و مؤثر للقراء، و بالتالي أصبحت الرواية انجيل العصر الحالي، للباحثين عن معنى أعمق للحياة وعن أسلوب لتحقيق أحلامهم.

  السر وراء نجاح "الخيميائي"

يعود نجاح رواية الخميائي، حسب بعض الآراء الى عوامل سيكولوجية و اجتماعية بالأساس

رغم ان الخميائي عمل روائي لا يحمل بعدا فلسفيا عميقا، أو رؤية وجودية للحياة، من وجهة نظر البعض، الا أن نجاحها الباهر، يعود حسب أصحاب هذا الرأي الى عوامل سيكولوجية واجتماعية بالأساس، ومن بين العوامل الأخرى هو توقيت ظهور الرواية، حيث نشرت في فترة من الزمن اصبح يحس فيها الانسان في زمن ما بعد الحداثة في الغرب بغياب المعنى، وبالاضطراب الداخلي و الضياع، في مجتمع حديث سيطرت فيه القيم المادية و غابت القيم الروحية وأصبحت فيه رواية الخميائي بمثابة طوق نجاة للشباب الضائع، حبكة القصة البسيطة و المكررة لشاب في زمن ما يريد تحقيق حلمه، أصبحت مثال للعديد من الشباب الذي يعيش بدون هدف ويحي في الضياع. تقدم الرواية للقارئ أمل العثور و الوصول الى حلمه، اذا ما تمسك بحلمه و تواصل وفهم إشارات الكون.

علاقة الرواية والتنمية البشرية

من المهم ذكر أن الرواية، رغم أنها شكلا عمل أدبي روائي فيمكن حسب البعض اعتبارها عملا في التنمية الذاتية، لأنها تحمل في طياتها العديد من المفاهيم، التي تروج لها كتب التنمية الذاتية، مثل الإيمان بالنفس، و تحديد الأهداف، وتجاوز المشاكل والعقبات، والإصرار على تحقيق النجاح، واستعمل البيرتو كويلهو أسلوب السرد القصصي لإيصال هذه الرسائل، ويمثل هذا الأسلوب أحد أهم الأسباب التي جعلت هذه الرواية، تحقق هذه الشهرة الكبيرة، ربما القراء الذين لا يستطيعون قراءة كتب التنمية الذاتية، أقبلوا على قراءة هذا العمل الروائي السلس و البسيط من أجل التحفيز، قصد الجري وراء أحلامهم التي سطروها في حياتهم، كما أن من يقرا كتب التنمية الذاتية، وجد في الرواية دليل اكد لهم الأفكار التي تشربوها في كتب التنمية الذاتية.

 حالة الإنسان في العصر الحديث

من أهم العوامل التي جعلت الخميائي تحظى بكل هذا الانتشار، هو أنها تعبر بشكل أو باخر على حالة الانسان في العصر الحديث، الذي يعيش في ضياع مزمن و اضطراب، سواء على مستوى العوائق اليومية أو الإحساس بفقدان الهدف من الوجود يعكس ذلك حياة الكاتب نفسه، الرواية على العموم لا تقدم حلولا سحرية لهذه المشاكل الحديثة، لكنها على الأقل تعد بأن هناك حلول، وعلى وجود إشارات في الكون يجب اتباعها. التيه و عدم وجود هدف في الحياة مشكلة يعاني منها العديد من الشباب عبر العالم اليوم، وفي رواية الخميائي يجد هؤلاء الضائعين معنى لمواصلة البحث عن هدف في الحياة من اجل مواصلتها رغم وجود العوائق والمحن.

"الخيميائي" ليست فقط عما ادبي روائي، بل هي تجربة روحية وفلسفية تدفع القارئ الى التفكير في أحلامه في الحياة. انتشارها الهائل يرجع إلى بساطة فكرتها ورسالتها التي تتوافق مع وضع الإنسان المعاصر، رغم أنها لا تحوي أجوبة نهائية لتساؤلات وجودية، فإنها تقدم  أملاً كبيرا بأن السعي الدائم  لتحقيق الأحلام هو ما يجعل الحياة تستحق أن تُعاش.

تعديل المقال