اللاعب أندريس إسكوبار: قصة مأساوية لمدافع كولومبيا الذي قُتل بعد هدف ضد مرماه

اللاعب أندريس إسكوبار سالدارياغا، المعروف باسم أندريس إسكوبار، كان من أبرز المدافعين في المنتخب الكولومبي لكرة القدم. وُلد إسكوبار في 13 مارس 1967 في مدينة ميديلين الكولومبية، وترعرع في أسرة من الطبقة الوسطى. كان والده، داريو إسكوبار، مصرفيًا أسس جمعية رياضية تهدف إلى مساعدة الشباب على الابتعاد عن حياة التشرد في ميديلين. تخرج من مدرسة "كونرادو غونزاليس"، وبدأ في سن مبكرة مسيرته الكروية، حيث لعب في الفرق المدرسية قبل أن يلتحق كلاعب محترف بنادي "أتلتيكو ناسيونال" الكولومبي في سنة 1985.

مسيرته الكروية الاحترافية 

بدأ أندريس إسكوبار مشواره الاحترافي في نادي "أتلتيكو ناسيونال"، حيث فاز معه ببطولة "ليبرتادوريس" في 1989. ثم انتقل لفترة قصيرة إلى نادي "بي إس سي يونغ بويز" السويسري، قبل أن يعود إلى ناديه الأصلي "أتلتيكو ناسيونال" في سنة 1990، حيث استمر في اللعب معه حتى 1994. شارك أندريس في حوالي 50 مباراة دولية مع المنتخب الوطني الكولومبي. وقد أشارت بعض التقارير إلى أن أندريس كان قريبًا من الالتحاق بنادي "إيه سي ميلان" الإيطالي بعد انتهاء مونديال سنة 1994.

شارك أندريس لأول مرة مع المنتخب الكولومبي في سنة 1988، وكانت أول مشاركة دولية له في كأس روس في نفس السنة، حيث سجل هدفه الوحيد مع المنتخب الكولومبي ضد إنجلترا، كما شارك في عدة بطولات مثل كوبا أمريكا 1989 و1991، وتصفيات كأس العالم لسنتي 1990 و1994. في كأس العالم 1990 بإيطاليا، تأهلت كولومبيا إلى دور الـ16، بينما ودعت المنافسة مبكرًا من الدور الأول في كأس العالم 1994 بعد هزيمتين متتاليتين أمام رومانيا والولايات المتحدة، رغم فوزهم في المباراة الأخيرة ضد المنتخب السويسري.

الهدف القاتل ضد مرمى كولومبيا 

الهدف القاتل ضد مرمى كولومبيا
صورة الهدف القاتل الذي سجله اندريس اسكوبار ضد مرماه 

كان المنتخب الكولومبي المشارك في مونديال 1994 من بين المنتخبات المرشحة بقوة، فقد تأهل بفوز كبير على الأرجنتين بنتيجة 5-0. إلا أن الظروف السياسية والاقتصادية الصعبة التي كانت تعيشها كولومبيا آنذاك، خصوصًا بعد مقتل زعيم المخدرات "بابلو إسكوبار"، أثرت على تركيز اللاعبين وأجواء معسكر المنتخب. بعد الهزيمة في المباراة الأولى أمام رومانيا بنتيجة ثلاثة أهداف لهدف، واجهت كولومبيا في المباراة الثانية الولايات المتحدة. وبطريقة غير متوقعة، سجل أندريس إسكوبار هدفًا في مرمى فريقه محاولًا إبعاد كرة عرضية من اللاعب الأمريكي جون هاركس. أدى هذا الهدف إلى خسارة كولومبيا أمام الولايات المتحدة بهدفين لهدف، مما أدى إلى خروج كولومبيا من البطولة رغم انتصارهم في المباراة الثالثة أمام سويسرا. هذا الخطأ جعل إسكوبار هدفًا للانتقادات والتهديدات.

بعد انتهاء المباراة، وجه أندريس رسالة إلى الشعب الكولومبي قائلاً: "الحياة لا تنتهي عند هذا الحد، علينا أن نواصل الرحلة". كان واضحًا للجميع أن لاعبي المنتخب الكولومبي كانوا تحت ضغط هائل، خاصة بعد تلقي المدرب تهديدات بالموت إن أشرك أحد اللاعبين، مما دفعه لاستبعاده. هذه الأجواء المشحونة جعلت خسارة كولومبيا مؤلمة، وغادر الفريق البطولة مبكرًا رغم التوقعات الكبيرة.

اغتيال اللاعب أندريس إسكوبار 

تشيع جنازة اللاعب اندريس اسكوبار
تشيع جنازة اللاعب اندريس اسكوبار في ميدلين 

بعد عودته إلى كولومبيا، كان أندريس متأثرًا جدًا بخروج منتخب بلاده من كأس العالم، خاصة بسبب الهدف الذي سجله في مرماه بالخطأ. ورغم نصائح عائلته بالبقاء في المنزل، قرر الخروج للقاء الناس. في 2 يوليو 1994، بينما كان في ملهى ليلي بمدينة ميديلين، تعرض للاعتداء اللفظي من مجموعة من الأشخاص على صلة بعصابات المخدرات في المدينة. تطور الموقف بسرعة، حيث أطلق أحد أفراد العصابة، ويُقال إنه كان السائق الخاص للأخوين غالون، ست رصاصات على إسكوبار، مرددًا عبارة "GOAL" مع كل طلقة. تم نقل إسكوبار إلى المستشفى لكنه توفي بعد 45 دقيقة. أُلقي القبض على القاتل، هامبرتو مونوز كاسترو، وحكم عليه بالسجن 43 عامًا، إلا أنه أُفرج عنه بعد 11 عامًا بسبب "حسن السلوك". أثار هذا القرار استياء عائلة إسكوبار التي اعتبرت إطلاق سراحه إهانة لذكرى أندريس.

إرث أندريس إسكوبار 

إرث أندريس إسكوبار
إرث اللاعب  أندريس إسكوبار

شهدت كولومبيا حالة من الحزن العميق بعد وفاة أندريس. حضر جنازته في ميديلين حوالي 100 ألف شخص تعبيرًا عن حبهم واحترامهم له. كان أندريس شخصية محبوبة في كولومبيا، حيث كان يوزع الهدايا على أطفال المدينة كل عام خلال احتفالات أعياد الميلاد. ورغم الظروف الصعبة التي عاشها المنتخب الكولومبي في تلك الفترة، إلا أن أندريس ظل رمزًا للنزاهة والاحتراف.

تحصر وحزن عائلة اندريس اسكوبار علي فراقه
تحصر وحزن عائلة اندريس اسكوبار علي فراقه

في عام 2002، قامت مدينة ميديلين بتخليد ذكرى أندريس إسكوبار بإقامة تمثال له في المدينة. وحصل على لقب "الخالد" ليظل اسمه محفورًا في ذاكرة كرة القدم الكولومبية. كل عام، يتم إحياء ذكرى وفاته في كولومبيا، حيث يُعتبر رمزًا للنقاء والإخلاص في كرة القدم.

 

كان أندريس إسكوبار لاعبًا استثنائيًا ومدافعًا موهوبًا، عُرف بالأناقة في اللعب والهدوء على أرض الملعب. لكن نهايته المأساوية ارتبطت بظروف صعبة مرت بها كولومبيا في تلك الفترة. مقتل أندريس كان صدمة ليس فقط لعائلته، ولكن لشعب كولومبيا بأسره ولمحبي كرة القدم حول العالم.

تعليقات