رواية "عداء الطائرة الورقية" : قصة نجاح خالد حسيني

رواية "عداء الطائرة الورقية" أو (The Kite Runner) وهو العنوان الأصلي، أول رواية ألفها الطبيب الأمريكي من أصول أفغانية خالد حسيني، وأصدرها لأول مرة سنة 2003. منذ ذلك الحين، حققت نجاحًا منقطع النظير، حطمت به كل الأرقام القياسية في سوق المبيعات حول العالم، وتربعت على لائحة الروايات الأكثر قراءة لفترة طويلة. فقد تصدّرت الرواية قائمة صحيفة نيويورك تايمز للكتب الأكثر مبيعاً لأكثر من سنتين، بعد أن بيع منها ما يزيد عن سبعة ملايين نسخة في الولايات المتحدة الأمريكية وحدها.

كم المشاعر في الرواية وتأثيره على القراء

قدر المشاعر في الرواية كبير جداً، ومن البديهي أن تخلف في كل من قرأها تأثراً شديداً، وحزناً كبيراً على وضع هذا البلد الجميل، الذي اعتدنا فيه على الصورة النمطية المرتبطة بالحرب والصراع.

"مُخطئون فيما قالوه عن الماضي، لقد تعلّمت كيف أدفنه، إلا أنّه دائماً يجد طريق عودته..." 

بهذه العبارات، شرع خالد حسيني في سرد روايته، التي تجري أحداثها على خلفية أحداث مضطربة عرفتها أفغانستان، بدأت بسقوط النظام الملكي، ثم التدخل العسكري للاتحاد السوفياتي، والذي أدى إلى نزوح عدد كبير من  اللاجئين إلى باكستان والولايات المتحدة، والى صعود نظام طالبان.

صديقان من عالمين مختلفين: أمير وحسن

 الرواية تحكي قصة أمير، ابن العاصمة كابول، وصديقه المقرب حسن. صديقان ينحدران من عالمين مختلفين؛ أمير ابن رجل أعمال ثري، بينما حسن هو ابن خادمهم الذي ينتمي إلى الهزارة، وهي أقلية عرقية منبوذة، شهدت طفولتهما كل أوجه الصداقة الحقيقية والتضحية، خاصة حسن الطيب الذي جسد أسمى معاني الوفاء، وقد عبّر الكاتب عن ذلك بعبارة: "إنه وفي، وفي ككلب!"

الحادثة المريرة على إثر مهرجان الطائرات الورقية

أمير تتنازعه أحاسيس الصداقة من جهة، والتعلق بطبقية مقيتة من جهة أخرى، ظهرت هذه الطبقية في أقذر صورها عندما تمكن أمير من الفوز بمهرجان الطائرات الورقية، ولكن صديقه حسن تعرض للاعتداء الجنسي من قِبل شخص يدعى آصف، على الرغم من معرفته بما حدث، اختار أمير الصمت والاحتفاظ بالطائرة التي جلبت له فخر والده.

البحث عن حياة جديدة والهروب من أفغانستان

على ضوء الأحداث السياسية الخطيرة التي ضربت أفغانستان، اجتاحت القوات السوفييتية البلاد، واضطر والد أمير للهرب رفقة ابنه إلى الولايات المتحدة بحثًا عن حياة مستقرة. تسرد الرواية بعد ذلك كل محاولات أمير لتكفير عن ذنبه القديم، الذي استمر في ملاحقته حتى بعد مرور عشرين سنة، في محاولة منه لإنقاذ ابن صديقه حسن.

"من أجلك ألف مرة... ومرة!" 

هذه العبارة تتكرر في ذهن أمير طوال الرواية، وتمثل الشعور العميق بالذنب الذي يسيطر عليه، تتساءل الحكاية: هل سيتمكن أمير من التكفير عن ذنبه وإنقاذ ابن صديقه في أفغانستان؟

الرواية مليئة بالمشاعر التي تؤثر في القارئ وتدفعه للتفكير، في أحوال هذا البلد الجميل، الذي بات مرادفًا للنزاعات والحروب.

انتقادات تصوير الاحتلال الأمريكي

الملاحظة الوحيدة التي ترتبط بالرواية هي أن المؤلف خالد حسيني ركز بشكل كامل على تحميل نظام طالبان والغزو العسكري السوفياتي، مسؤولية تدهور الأوضاع في أفغانستان، بينما بدا وكأنه يعفي الاحتلال الأمريكي، من أي دور في هذا التدهور، وهو ما يثير تساؤلات حول الرسالة التي يسعى الكاتب إلى إيصالها.

تحويل الرواية إلى فيلم سينمائي

تحويل الرواية إلى فيلم سينمائي
تحويل الرواية إلى فيلم سينمائي بنفس الاسم سنة 2007

تم تحويل رواية "عداء الطائرة الورقية" إلى فيلم ناجح صدر في عام 2007. رغم الاختلافات بين النص المكتوب والصور السينمائية، استطاع الفيلم الحفاظ إلى حد ما على روح الرواية، وحقق نجاحًا جماهيريا كبيرا.

روايات أخرى لخالد حسيني بعد "عداء الطائرة الورقية"

روايات أخرى لخالد حسيني بعد "عداء الطائرة الورقية"
روايات أخرى لخالد حسيني  

بعد النجاح الكبير لرواية "عداء الطائرة الورقية"، ألف خالد حسيني روايتين أخريين هما: "ألف شمس ساطعة" و"ورددت الجبال الصدى". ورغم أن الروايتين تدوران في نفس الأجواء الأفغانية، إلا أن نجاح "عداء الطائرة الورقية" كان متميزًا، ولا يمكن القول إنه جاء من محض الصدفة أو كان مجرد ضربة حظ.

تساؤلات حول تصوير الكاتب للوضع السياسي في أفغانستان

الملاحظة الأبرز في الرواية تكمن في تصوير حسيني للوضع الاجتماعي والسياسي لمرحلة طالبان ومرحلة الاحتلال الأمريكي سنة 2001 وما بعدها. يظهر بشكل واضح أن الكاتب يحمل المسؤولية كاملة لحركة طالبان والغزو السوفييتي فيما آلت إليه الأوضاع في أفغانستان، مع إعفاء كامل للاحتلال الأمريكي من أي مسؤولية عن التدهور الأمني والاجتماعي والاقتصادي، مما يثير تساؤلات حول أهداف الكاتب الحقيقية.

 الطائرات الورقية بين الألم والأمل

يجد القارئ نفسه كما كان حسن يجري وراء الطائرات الورقية، يلاحق توالي صفحات الرواية بين الرغبة في إتمامها، أو القراءة بتريث خوفاً من انتهائها، يحلق الكاتب بالقراء عبر الزمن والمكان في أفغانستان المتحولة، من سماء مليئة بالطائرات الورقية الملونة إلى غيوم الطائرات الحربية والصواريخ. ورغم كل هذا، يظل هناك هامش من الأمل في انتظار غد أفضل، يعود فيه السلام إلى هذا البلد الجميل.

تعليقات